لولا وجود أكثر من دليل واف قاطع ودامغ، لما صدق أحد أن سعر الكيلو من مادة بدأت تنتجها مختبرات جامعة أوكسفورد البريطانية، هو 165 مليار دولار، والجرام 165 مليونا، وهي الأغلى في الوجود، لأنها أقوى وأمتن ما فيه من مواد، واستخداماتها تفتح مجالات جديدة للتصنيع وأمام التكنولوجيا، خصوصا “تقنية النانو” المتناهية الصغر، إلى درجة أن استخدامها يسمح باستيعاب وظائف أجهزة “الساعة الذرية” التي تحتاج إلى غرفة لتسعها حاليا، داخل جهاز الآيفون.
أحد الأدلة، أن شركة Designer Carbon Materials الناشطة في بريطانيا بتقنية “النانو” والتي تكاتفت مع مختبرات جامعة أوكسفورد لإنتاج المادة الجديدة، باعت 200 ميكروجرام منها بمبلغ 33 ألف دولار، طبقا لما طالعته “العربية.نت” من تفاصيل مختصرة بصحيفة “التلجراف” البريطانية عن المادة التي لم تشرح الصحيفة اسمها، ربما لوجود خلفية عنها لدى القارئ البريطاني الذي طالع مرات عن محاولات التوصل إليها سابقا، حتى في “يوتيوب” نعثر عند البحث عن تقنيتها في الموقع، وهي باسم endohedral fullerenes التعريفي العلمي، على أكثر من فيديو يشرح شأنها منذ سنوات.
أما الميكروجرام، أو mcg اختصارا، فهو واحد من مليون جزء من الجرام ، أي أن Designer باعت الجزء من مليون بمبلغ 165 دولارا، تجعل سعر الجرام 165 مليونا، والكيلو 165 مليار دولار، في حين أن شرح اسم تقنية endohedral fullerenes التعريفي، هو “إضافة ذرات” إلى مادة “الفولورين” المتكون الجزئيات من ذرة الكربون، وهو على شكل كرة مجوفة، يسمونها buckyballs وتتكون كالقفص الأجوف، سداسية أو مثمنة الأشكال إجمالا، كما الموجود على كرة القدم.
وفي “إضافة الذرات” يتم إنتاج كربون “فولورين” رمزه العلميc60 لاحتوائه على 60 ذرة، منها النيتروجين، وهو أقوى وأمتن مادة في الوجود حتى الآن، وللدلالة على قوتها، تكفي معرفة أن ذرة الكربون، المعروف كعنصر كيميائي رمزه C وفي ذرته 6 بروتونات، موجودة بأشكال عدة في الطبيعية، منها الماس وأيضا “الجرافين” الثنائي الأبعاد وسداسي البنية، لذلك يسمونه قرص العسل.
و”الجرافين” الموجود أيضا في المادة الجديدة، هو أرفع وأرق مادة معروفة على الإطلاق، وفي موقع “ويكيبيديا” معلومات عنه وملخصها، أن درجة سماكته تعادل ذرة كربون واحدة فقط، مع ذلك يعتبرونه بين أقوى وأمتن المواد، علما أنه يكاد يكون شفافا، وفي الوقت نفسه قوي الكثافة، لا تسمح مادته حتى لأصغر الذرات، وهي ذرة الهيليوم، بعبور هيكلها السداسي.
وصحيح أن سعر الجرام من endohedral fullerenes هو 165 مليون دولار، إلا أن الشركات التي تحتاج استخدام مادته، تشتريه عادة بالميكروجرامات، بإنفاق دولارات بالآلاف لا بالملايين، لأن استخدام شذرات منه كافية في تقنية “النانو” لإقحام “الساعة الذرية” في شريحة إلكترونية “داخل جهاز هاتف جوال” على حد ما ذكره للصحيفة لوسيوس كيري، مدير شركة “أوكسفورد تكنولوجي” المالكة لحصة صغيرة بمشروع المادة، التي أضاف أن استخداماتها الإلكترونية ستصبح متاحة في كل هاتف جوال مستقبلا.
العربية نت