يُعد جنكيز خان واحدًا من أطغى طغاة البشرية، حيث سفك دماء الملايين -أغلبهم من المسلمين- من أجل بناء إمبراطوريته، ومجد شخصي، يهدف به لأن يتسيد العالم، ويصير الزعيم الأوحد للمعمورة كلها.
وقد شهدت منطقة منغوليا مولد جنكيز خان أو تيموجين بن يسوكاي بهادر سنة (549هـ = 1155م)، وكان أبوه رئيسًا لقبيلة مغولية تُدعى قيات، وعُرف بالشدة والبأس؛ فكانت تخشاه القبائل الأخرى، وقد سمّى ابنه تيموجين بهذا الاسم تيمنًا بمولده في يوم انتصاره على إحدى القبائل التي كان يتنازع معها، وتمكنه من القضاء على زعيمهم الذي كان يحمل هذا الاسم.
ولم تطُل الحياة بوالد تيموجين أو جنكيزخان؛ فقد توفِّي سنة (561 هـ / 1167م)، تاركًا حملا ثقيلا ومسئولية جسيمة لـتيموجين الابن الأكبر الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، وما كان ليقوى على حمل تبعات قبيلة كبيرة مثل قيات، فانفض عنه حلفاء أبيه، واستغلت قبيلته صغر سنه فرفضت الدخول في طاعته، على الرغم من كونه الوريث الشرعي لرئاسة قبيلته، والتفَّت حول زعيم آخر، وفقدت أسرته الجاه والسلطان.
وقد ساعدته أمه كثيرًا حتى بدت عليه أمارات القيادة، ثم تمكن تيموجين بشجاعته من المحافظة على مراعي أسرته؛ فتحسنت أحوالها، وبدأ يتوافد عليه بعض القبائل التي توسمت فيه الزعامة، كما تمكن هو من إجبار المنشقين من الأتباع والأقارب على العودة إلى قبيلتهم، ودخل في صراع مع الرافضين للانضواء تحت قيادته، حسمه لصالحه في آخر الأمر، حتى نجح في أن تدين قبيلته قيات كلها بالولاء له، وعمره لم يتجاوز العشرين سنة.
وواصل تيموجين خطته في التوسع على حسابب جيرانه، فبسط سيطرته على منطقة شاسعة من إقليم منغوليا، تمتد حتى صحراء جوبي، حيث تجمع عدد كبير من قبائل المغول، ثم دخل في صراع مع حليفه رئيس قبيلة الكراييت،وكان النصر في صالح تيموجين سنة (600هـ/ 1203م)، فاستولى على عاصمته قره قورم وجعلها قاعدة لملكه، وأصبح تيموجين بعد انتصاره أقوى شخصية مغولية، وعُرف باسم جنكيز خان؛ أي إمبراطور العالم.
وبعد ذلك قضى ثلاث سنوات اهتم فيها بتوطيدد سلطانه، والسيطرة على المناطق التي يسكنها المغول، حتى تمكن من توحيد منغوليا بأكملها تحت سلطانه.
وبعد أن استتب الأمر لجنكيزخان اتجه إلى إصلاح الشئون الداخلية، فأنشأ مجلسًا للحكم سنة (603هــ/ 1206م) ودعاه للاجتماع، وفيه تحدد لأول مرة نظام إمبراطوريته، ووضع لشعبه دستورًا يسمى قانون (الياسا) لتنظيم الحياة، وقد تناول الدستور أمورًا متعددة لتنظيم الحياة بالدولة الناشئة، وألزم أجهزة الدولة بتطبيق بنودها والعمل بموجبها.
قصة الإسلام